تعلم التفلسف هو تعلم لأدوات وآليات التفكير في الحياة
الكاتب: محمد الشبة 2013-10-27
يمكن القول بأن تدريس الفلسفة هو تدريس لأشكال من التفكير العقلي في تجارب الحياة. وهي أشكال موسومة بميسم ذاتي وشخصي، يجعلها تعبيرا عن تأملات ورؤى تصدر عن ذات هذا الفيلسوف أو ذاك تجاه تجارب محزنة أو مفرحة عاشها في الحياة، وفي إطار العلاقات التي جمعته بالآخرين. ولذلك، لا يمكن أن يكون تعلم الفلسفة سوى انخراطا بكيفية أو بأخرى مع الفيلسوف فيما نقله في نصوصه من تجارب حياتية، وما ترجمه على مستوى خطابه المفاهيمي العقلي من وقائع حدثت له بشكل فعلي أو عاينها في مسرح التاريخ وفي مشاهد الحياة. وإذا كانت التجارب البشرية في الحياة تتقاطع وتتشابه، بالرغم من فرادتها وتميزها لدى كل فرد أو مجتمع، فإن مهمة القارئين لنصوص الفلاسفة والمتعلمين لأشكال التفكير الثاوية فيها هو مقارنة تلك التجارب، تجارب الفلاسفة، بتجاربهم الخاصة، وذلك من أجل وضعها في محك الحياة وجعلها موضع اختبار حقيقي أمام وقائعها الجديدة. وبهذا الشكل يكون بإمكان معلم الفلسفة ومتعلميه التفكير مع الفلاسفة فيما فكروا فيه، والانخراط معهم في عمق التجارب الحياتية التي أدهشتهم وحركت لديهم أفعال التفلسف المختلفة. لكن الأهم من ذلك، هو أن يكون بإمكان هؤلاء المتعلمين أن يختبروا تلك الأفكار التي انبجست عن أفعال التفلسف لدى الفيلسوف، لكي يفكروا فيها من جديد ويربطوها بواقعهم الاجتماعي وبحياتهم الخاصة والعامة، ويجعلوها موضع فحص ونقاش فيما بينهم باعتبارها لصيقة بهم وتهمهم شخصيا بالقدر الذي تهم الفيلسوف. وبهذا الشكل يكون بالإمكان ربط جسور حقيقية بين الدرس الفلسفي والحياة.