هل القيمة الخلقية من حيث طبيعتها نسبية أم مطلقة ؟
1- طرح المشكلة :
الإنسان كائن أخلاقي بطبعه, لأنه الوحيد الذي يعرف معنى الأخلاق ,فالأخلاق مبحث قديم حديث و هي من المواضيع الشائكة فهي تدرس إشكاليتي الخير و الشر و تعتبر فرع من فروع الفلسفة لأنها تندرج ضِمن مبحث القِيَم ونقصد بالأخلاق هي علم من العلوم المعيارية فهي مجموعة من المبادئ و القواعد التي ينبغي أن يسير سلوك الإنسان بمُقتضاها وتكون هذه الأفعال إرادية مبنية على الوعي و الحرية,و التي بدورها تحكم على سلوكات الإنسان بالاستحسان أو بالاستهجان أي بالخير أو الشر وهي موضوع الأخلاق و لكن الإشكال لا يكمن في موضوع الأخلاق و لا في مفهومها و إنما في المقياس أو المعيار الذي نستمد منه قِيَمنا الأخلاقية و هذا ما أدى إلى تضارب في الآراء لدى الفلاسفة و علماء الأخلاق فهناك من يعتقد أن القيم الأخلاقية نسبية بينما يرى البعض الآخر أنها مُطلقة من حيث طبيعتها و من هنا نتساءل :هل القيم الأخلاقية ثابتة أم مُتغيرة تختلف باختلاف المصالح و البيئات و الثقافات ؟
2- محاولة حل المشكلة :
الأطروحة عرض الاطروحة الاولى: يرى الموقف الأول بأن الأخلاق نسبية تتغير بتغير الزمان و المكان , بتغير البيئات و المُجتمعات و الثقافات , و يتزعم هذا الموقف كل من نظريتي : المنفعة و المجتمع .
المجتمع: يرى أنصار الاتجاه الاجتماعي التي يتزعمها كل من ( ليفي برويل/ إميل دوركايم ) أن القيم الأخلاقية من صُنع المجتمع, فالمجتمع هو الآمر, هو الناهي, فما أمر به المجتمع فهو خير وما نهى عنه المجتمع فهو شر, لأن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه يُؤثر و يتأثر و بالتالي فالفرد يستمد الأخلاق من مجتمعه ( العادات/ التقاليد/ الأعراف...),بكل مكوناته( النفسية / السلوكية / الفكرية ... ) فهو ابن بيئته يكتسب الأخلاق من (الأسرة, المدرسة, الشارع, الأقارب, المجتمع...),فلا بُد أن تكون أخلاق الفرد مُتَمثلة وِفقاً للمعايير التي حددها المجتمع راضِياً او مُكرهاً, فالخير هو ما يتماشى مع المجتمع و الشر ما يتنافى معه,حيث يقول في هذا الصدد إميل دور كايم : " الفرد دُمية يُحرِك خيوطها المُجتمع " و يقول أيضاً :" عندما يتكلم الضمير فينا فإن المُجتمع الذي يتكلم", أي أن الفرد مِرآة عاكسة للمجتمع الذي يعيش فيه, كما يقول في هذا السياق ليفي برويل: "إن الضمير الفردي ليس إلا صدى للضمير الجمعي",لأن سلوكات الفرد هي انعكاس لسلوكات غيره ,فما يكون خير لمجتمع ما قد يكون شراً لمجتمع آخر و العكس صحيح حيث يقول دوركايم:" لكل مجتمع أخلاقه " أي ما يكون مُستحسنا في مجتمع ما قد يكون مُستهجنا في مجتمع آخر بل في المجتمع الواحد و بالتالي فالأخلاق مصدرها المجتمع و هي نسبية تتغير بتغير المجتمعات و البيئات و الثقافات ,إذن فالأخلاق ظاهرة اجتماعية حيث يقول دوركايم :" ليست سوى قوى أخلاقية واحدة تستطيع أن تضع القوانين للناس هي المجتمع "و بالتالي فالقيم الخلقية نسبية و ليست مطلقة تتعدد بتعدد المجتمعات و متغيرة بتغير الأفراد فالمجتمع هو الذي يُشرِع مختلف القواعد الأخلاقية حيث يقول دوركايم: "المجتمع هو النموذج و المصدر الوحيد لكل سلطة أخلاقية ", فالخير و الشر يتحددان بمدى إندماج الفرد في الجماعة فالاندماج هو مدى مقياس الخير و عدم الاندماج هو الشر و بما أن لكل مجتمع عادات و تقاليد و نُظم خاصة به كانت القيم الخُلُقية نسبية و ليست ثابتة.رحموني عمر
المنفعة: يرى أنصار المذهب النفعي أن المنفعة هي معيار السلوك الخُلقي, أي أن القيم الأخلاقية نسبية لأنها مرتبطة بمنافع الإفراد و مصالحهم , أي أن العبرة بالنتائج و ليس بالمبادئ, و يتزعم هذا الموقف كل من (أرستيب القورينائي, أبيقور, جيرمي بينتام, جون ستوارت مل ), حيث نجد مذهب اللذة و الألم الذي يتزعمه كل من الفلاسفة اليونان (أرستيب/ أبيقور),حيث يقول أرستيب: "اللذة هي صوت الطبيعة صادرة بالفطرة فلِما الخجل و لِما الحياء؟؟...", و يقول أيضاً :" اللذة هي الخير الأعظم", أي أن اللذة هي المقياس لكل فعل أخلاقي , فالبشر بطبيعتهم يميلون إلى اللذة و ينفرون من الألم, فكل ما يجلب لي لذة فهو خير و كل ما يجلب لي الألم فهو شر, وقد ركز أرستيب على اللذات الجسمية " الحسية " , حيث يعتقد بأنه يجب الحصول على اللذات بكل الطرق و إشباع الغرائز و الشهوات لأنها تجلب اللذة و كل ما يجلب اللذة فهو خير, كما نجد أبيقور الذي عدَّل في مبدأ اللذة و الألم لأرستيب و دعا إلى ضرورة استخدام العقل في الحكم على اللذات, حيث ميَّز بين نوعين من اللذات " اللذات الحقيقية و اللذات المُزيفة", حيث اعتبر أن اللذات الجسمية الحسية هي لذات مُؤقتة أما اللذات العقلية هي لذات دائمة , طويلة المدى و أرقى من اللذات الحسية كالمُطالعة مثلاً, كما انَّه يدعو إلى اجتناب اللذات التي تنتهي بألم مع قبول الآلام التي تؤدي إلى اللذات , مثلاً التعب و السهر من أجل الدراسة يُسبب ألم و إرهاق و لكنه في النهاية سيُؤدي إلى لذة و هي النجاح في البكالوريا , حيث يقول في هذا الصدد:" لا بأس أن نبد؟ا بألم بسيط يعقبه لذة عظيمة و لا نمارس لذة تنتهي بألم " حيث نجد في العصر الحديث "جيرمي بينتام "مؤسس مذهب المنفعة الذي بدوره أيضاً عدَّل في "مبدأ اللذة و الألم " حيث وضع مُسلمتين للفعل الخُلُقي المُسلمة الفردية:وهي أن كل فرد حر في الحكم على لذته و منفعته, فقد يبيع أحدهم تمراً و يبيع الآخر خمراً فالسوق يسع الجميع و ما يهمنا في الأخير هو من الذي سيُحقق أكبر قدر ممكن من الربح بغض النظر عن المبدأ الذي انطلقت منه خير أو شر فما يهمنا في الأخير هو تحقيق المنفعة , أما " المُسلمة الجماعية" وهي أي أن اللذة إذا اتحدت شروطها أصبحت واحدة بالنسبة للجميع ,أي لا ضرر إذا توسعت دائرة المنفعة للآخرين لكن بشرط بعد تحقيق منفعتي بالدرجة الأولى, ونجد أيضاً . ويستدل أنصار هذا الاتجاه على الكثير من الأدلة التي تبدو في مجملها أدلة واقعية فنجد مثلا الإنسان في حياته دائما ينشد المنافع ويتبعها ويعتبر الفعل الذي تنجر من وراءه منفعة فعلا أخلاقيا والعكس صحيح أي أن الفعل الذي لا يجلب منفعة لصاحبه يعده فعلا لا أخلاقيا, أما الفيلسوف المُعاصر لمذهب البراغماتية نجد جون ستوارت مل الذي وسَّع دائرة المصالح و المنافع لأكبر عدد ممكن من الأفراد حيث قدّم المسلمة الجماعية على الفردية, يقول جون ستوارت مل : " من الأفضل أن أكون إنساناً شقياً أفضل من أكون خنزيراً مُتلذذاً ", حيث حدَّد لنا جون ستوارت مل سبعة أبعاد لقياس اللذة جعلها كنسق رياضي حسابي مُقسمة على أربعة للتوضيح أكثر نُجسدها بمثال (الشدة و المدة ) الشدة مثلاً التجارة بالسلاح في أمريكا من اكبر التجارات الرائجة على مستوى السلم التجاري و بالتالي أكثر ربحاً , المُدة : السلاح أصبح أكثر ضرورة من الغذاء و الدواء نتيجة الشعور بعدم الآمان و الإستقراروالخطر منذ القديم إلى غاية يومنا هذا , (اليقين/القرب) اليقين لأن تجارة السلاح تجارة أكيدة وليس مشكوك فيها لا تعرف الركود و الكساد, القرب: أي أن هذه التجارة تحقق منافع مُستعجلة ولم نسمع عن إفلاسها و عجزها يوماً من الأيام, امتدادها أي أنها لذة متوسعة النطاق و تشمل اكبر عدد ممكن من الدول فهي تعطي للدولة مكانة اقتصادية و سياسية . خصوبتها : أي أن شركات التصنيع للأسلحة تلبي كل طلبات المحتاجين و لا تعرف الثبات والاستقرار,نقاؤها: أي أن المنفعة خالية من الآلام, بمعنى أنه في نهاية كل سنة الرقم الوحيد الذي لا يعرف التراجع في ميزانيات الدول هو السلاح,وبذلك جعل الأخلاق مثل علاقة البائع بالمُستهلك و اتسعت لمذهب البراغماتية الأمريكية و التي شعارها : " ليس لنا أصدقاء دائمون و لا أعداء دائمون و إنما لنا مصالح دائمة ", أي أن الفكرة الصادقة هي الفكرة النافعة بمعنى أن الأخلاق التي تجلب لي المنافع و المصالح الكبيرة هي الصادقة .
نقد : بالنسبة للنظرية الاجتماعية التي تُقر بأن المجتمع هو مصدر القيمة الخُلقية فأين حرية الفرد و إنسانيته , صحيح ان للمجتمع تأثير كبير على الأفراد لكن هذا لا يعني بالضرورة أن كل ما يأمر به المجتممع فهو خير وكل ماينهى عنه فهو شر, فهناك بعض الأعمال التي يأمر بها المجتمع ويقر بأنها خير ونجدها مخالفة للدين وإلا كيف نفسر ظهور المصلحين و الثورة ضد افكار وعادات مجتمعاتهم لأنها فاسدة , كما أن الواقع يثبت بوجود أخلاق مفتوحة تتعدى حدود المجتمعات و البيئات والثقافات وهي الأخلاق الإنسانية العالمية الثابتة مثلا : التضحية من أجل الدفاع عن الوطن , الصدق ...
أما بالنسبة لنظرية المنفعة ليست معيارًا كافيًا كونها خاصية فردية ذاتية تختلف باختلاف الميول والرغبات فما ينفع البعض قد يضر البعض الآخر وليس كل شيء فيه لذة هو خير بالضرورة , كما أن نظرية المنفعة جردت الإنسان من قيمه وأدت به إلى الاندفاع نحو الماديات والشهوات وبذلك يصبح البشر مجرد آلات خالية من التعقل والتوازن النفسي كما أنها تهدد استقرار وأمن الدول حيث إنها تشجع على القتل والدمار فلا يهمها كم من منزل دمرت ولا كم من شعوب بريئة قتلت بل تهتم بكم من أرباح حققت , فقد أهملت إنسانية الإنسان و جعلته سلعة تُباع و تُشترى , كما أنها وسَّعت من دائرة الأنانية و السيطرة على الضعفاء و الأخلاق ضد ذلك, بالإضافة إلى انها جعلت الدول تحتكر و تُهيمن القوي على الضعيف و تُقيم الحروب و لا يهمها كم من شخص قتلت و كم من منزل دمرت بل كم من مصالح حققت كما يُقال :" تنتهي الأخلاق في المنفعة مثلما ينتهي النهر في البحر".
عرض الاطروحة الثانية : يرى خصوم الأطروحة أن الأخلاق مطلقة "ثابتة " لا تتغير بتغير الزمان و المكان, ويتزعم هذا الموقف كلمن النظرية (العقلية / الدينية)
العقل: العقل هو مصدر القيمة الخلقية , فالعقل هو الوسيلة التي يُميز بها الإنسان بين الخير و الشر و بالتالي فالقيمة الخُلقية للفعل تكمن في مبدأه وهو مبدأ عقلي لا في نتائجه و آثاره فالخيانة و الغش و السرقة هي أفعال مُستهجنة لأنها تحمل في ذاتها معنى الشر, و الصدق و الأمانة أفعال مُستحسنة لأنها تحمل في ذاتها الخير. و يتزعم هذا الموقف كل من( سقراط / أفلاطون / كانط ) حيث وضع سقراط المبادئ الثلاث الشهيرة : "العلم فضيلة و الجهل رذيلة " أي أنه ربط العلم بالأخلاق وكلما تعلم الإنسان كلما اكتسب أخلاقًا , أما مبدئه الثاني :" لا تقابل السيئة بمثلها " , أما بالنسبة لمبدئه الثالث : الإساءة إلى الآخرين هو الظلم بعينه , ونجد في نفس السياق تلميذه أفلاطون الذي قسم العالم إلى قسمين : العالم الحسي المزيف و هو العالم الذي نعيش فيه و العالم المثالي هو الحقيقي الذي ينبغي أن نتحلى بقيمه حيث يقول إن الخير فوق الوجود شرف وقوة حيث قسم العالم إلى ثلاث طبقات : طبقة الحكام وهم الفلاسفة ينبغي أن تتحلى بفضيلة الحكمة فالحكمة هي فضيلة العقل أما طبقة الجنود ينبغي أن تتحلى بفضيلة الشجاعة أما طبقة العبيد فيجب أن تكتسي بفضيلة العفة والحكمة هي رأس الفضائل كلها يجب أن تخضع لها باقي الطبقات لكي يحدث التوازن و تتحقق العدالة حيث نجد الفيلسوف الألماني كانط الذي الذي بنى الصرح الأخلاقي في أوروبا و الذي يسلم بوجود الله و خلود الروح حيث أقر كانط بأن العلم لا يبني الأخلاق و بأن الإرادة الخيرة هي منبع الفعل الأخلاقي أي الضمير الذي يكون نابع من الإرادة الخيرة حيث ميز كانط الأوامر الأخلاقية إلى أوامر قطعية وأوامر شرطية وفي رأي كانط أن الأخلاق الحقيقية تكمن في الأوامر القطعية ( الواجب الأخلاقي ) أي أن تفعل الخير من اجل الخير في حدذاته بدون أي مقابل فالأخلاق مبادئ ثابتة ومطلقة وعليها وضع كانط ثلاث قواعد للسلوك الأخلاقي :
1 _ قاعدة الغائية : أي أن تعامل الإنسان كغاية لا وسيلة من أجل تحقيق أغراضك الشخصية
2 _ قاعدة التشريع : أي أن نجعل الأخلاق قانونًا واجبًا مشرعًا ينبغي الالتزام به
3 _ قاعدة التعميم : أي أن تحب للآخرين كما تحب لنفسك .
الدين: ما أمر به الدين فهو خير وما نهى عنه الدين فهو شر أي أن الأخلاق واحدة لأنها تقوم على مبادئ ثابتة وليست متعددة وبالتالي فهي مطلقة لأن أخلاق الدين تواكب كل زمان و مكان, قال تعالى :"ونزلنا عليك الكتاب تِبياناً لكل شيء وهدى و رحمة وبُشرى للمسلمين" ,حيث يقول ابن حزم الأندلسي:"من أراد خير الآخرة و حكمة الدنيا ...و الاحتواء على محاسن الأخلاق كلها , فليقتدي بمحمد صلى الله عليه و سلم" كما نجد الأشاعرة نسبة لأبي الحسن الأشعري حيث يقول:"إن الخير و الشر بقضاء الله و قدره" كما يرى أن الخير هو ما حسنه الشرح و الشر هو ما نهى عنه الشرع,حيث أنه يعطي أولوية النقل على حساب العقل أي عكس المعتزلة نسبة لواصل ابن عطاء الذي بدوره يركز على العقل على حساب النقل ,ونظرا لقصور العقل و حدوده لا يستطيع الاهتداء إلى الحق وحده فكان لا بد له الاهتداء بنور الشرع لأنه طريق الحق حيث يقول تعالى :"وما أتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا", كما يقول النبي صلى الله عليه و سلم:"تركت فيكم أمرين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله و سنتي" و بالتالي فالقيم الأخلاقية من حيث طبيعتها واحدة ثابتة لأنها تقوم على مبادئ سامية وتتجلى هذه الوحدة لأنها نابعة من إلزام إلهي متعالي
نقد: لكن تأسيس الأخلاق على الدين و العقل و إرجاعها إلى هذين العاملين فحسب لا يفسر تعددها ولا تنوعها الذي يفرضه الواقع على الفرد باعتبار الإنسان كائن إجماعي يتأثر بمبادئ الجماعة التي ينتمي إليها .
بالنسبة للعقل إذا كان العقل كافٍ للتمييز بين الخير و الشر فما فائدة الأنبياء و الرُسل؟؟ كما أن العقل وحده قاصر و عاجز على إدراك العديد من الأشياء لذا لابُد من قدرة إلهية تُرشد عقلي, كما أن التسليم بمُطلقية العقل لا يحل المُشكلة فكيف نفسر تعدد الأخلاق في الواقع ؟؟ أما بالنسبة للأخلاق الكانطية فلقد بالغ في الأوامر القطعية لأنها لا تصلح على أرض الواقع لأنها جعلت الإنسان منزه عن الخطأ كما أن تجريد الأخلاق من المنافع و الغايات يجعلها غير مرغوب فيها. جعلت الأخلاق مثالية جداً لأننا لا يمكن أن نعمل من أجل العمل لذاته دون أي مُقابل فكيف سنعيش و نتكيف مع واقعنا.
انتقد شوبنهاور أحد تلاميذ كانط:" إن الواجب الكانطي يصلح لعالم الملائكة لا لعالم البشر", بمعنى أن الإنسان ليس مُنزهاً من الخطأ. لقد جاءت أخلاق كانط متسمة بالصورية و الجمود متجاهلة لمشاعر الناس وأحاسيسهم ، وهي أخلاق صالحة لتوجيه الكائن العاقل بصورة خالصة لا مشاعر له ولا عواطف ومثل هذا الإنسان لا نجده في الواقع ، بل نجده في عقل كانط وحده ومنه فأخلاق كانط مثالية لذا يقول بيڤي :” أن يدا كانط نقيتان لكنه لا يملك يدين"
أما بالنسبة للمعتزلة فلقد بالغت في تمجيد العقل على حساب النقل , فالله حكيم مطلق ومهما استخدم الإنسان عقله فغنه لن يعرف حكمة الله لعباده , لان قدرة الإنسان محدودة و لا يمكنها أن تعي كل الغايات المقصودة.
أما بالنسبة للأشاعرة فقد عطلت العقل و الله بدوره يحثنا على استخدامه , لأنه سبب التكليف .
تركيب: /" تغليب "إن المعيار الأساسي لِقيمنا الأخلاقية هو الدين لأنه وسطي متكامل متوازن يحقق المصلحة الفردية و الجماعية كما أنه يصلح لكل المجتمعات و الثقافات و العصور و لا يتعارض مع الطبيعة البشرية و الرأي الشخصي: الأمة الإسلامية أمة الأخلاق و القِيم و الأخلاق الإسلامية المُستمدة من الشرع مع استخدام العقل فيها هي الأصلح و الأولى لأن تكون مصدراً ثابتاً و دُستور اً لقيمنا لأن أخلاق الإسلام لا تتعارض مع البشرية و أحوالها المُتغيرة , صالحة لكل للعباد و للبلاد, للفرد المجتمع, و في كل المجالات و الدليل على ذلك اغلب مشاكل العالم سببها أزمة أخلاق الأزمات الاجتماعية"العنف , الانتحار .. سببها الابتعاد عن الوازع الديني و الفراغ الروحي .
حل المشكلة: إن الدين الإسلامي هو الأمثل لقيادة البشرية و حل كل أزمات العالم, لذا يجب فهمه فهماً صحيحا و عدم استغلاله لإغراض سياسية أو منفعية, بل يجب اتخاذه دستوراً و منهجاً للحياة و مصدراً مُطلقاً لأخلاقنا , "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت عن ذهبت أخلاقهم ذهبوا" حيث يقول الخوارزمي إذا كان الإنسان ذو أخلاق فهو يُساوي الواحد و إذا كان الإنسان ذو مال فأضف إلى الواحد صِفرا فهو يساوي عشرة وإذا كان ذو نسب وجاه فأضف صِفراً آخر تصبح مائة....و إذا حذفنا الواحد وهو الأخلاق بقيت الاصفار التي لا معنى لها, ويمكن القول في الأخير أن القيم الخلقية تكون مطلقة ثابتة في مبادئها و قواعدها , متغيرة و نسبية في معاملاتها و سلوكياتها
منقول لطلبة بكالوريا 2020